تحقيق التّٓكامُل لِنُظم التعليم المهني والتقني والهندسي

 أصلِح نِظامك التعليمي تُصلح وضعك الاقتصادي والاجتماعي وتلحق بركب التطور العالمي، هكذا نجحت الدول المتقدمة وهذه المعادلة البسيطة التي إذا نجحنا في تنفيذها فالنجاح مؤمن بكل بساطة ولنا من تجارب الآخرين عبرة.

نعيش عصر التقدم التكنولوجي المتسارع وزيادة الطلب على المنتجات والخدمات بصورتها المتقدمة الحديثة والمبهرة، والنظم التعليمية في مختلف الدول وخاصة دول العالم الثالث تدخل في تحدي مواكبة التقدم التكنولوجي العالمي وجسر الفجوة بين وضعها الحالي أو التقليدي الكلاسيكي وبين التقدم المتسارع المذهل في الدول المتقدمة أصلا والدول التي فهمت الدرس، دخلت نادي الكبار من أوسع أبوابه وأصبحت منافسا قويا في فترات قياسية مثل كوريا الجنوبية وماليزيا وتركيا ، ويكمن السر هنا في العمل الجاد على إعادة هيكلة وتنظيم النظام التعليمي وكلنا نعرف أن مخرجات النُّظم التعليمية من مهنيين وفنيين ومهندسين أو متخصصين هم المصدر الأساسي لتوفير المنتجات والخدمات للمجتمعات محلياً وعالمياً، ونعرف أنّٓ العلوم النظرية وحدها ودون أن تُحوَّل إلى مجالات تطبيقية على شكل خدمة أو منتج تبقى دون فائدة فالهدف النهائي للعلم والبحث العلمي وكل تقدم تحرزه الإنسانية هو تسهيل حياة الإنسان، من خلال مُنتجات وخدمات تُقدّٓم له، وعالمياً يُعد هرم القوى العاملة بتكوينه الثلاثي الكمَّي والنوعي من مهنيين وفنيين ومتخصصين أو مهندسين الأساس الرئيس لتوفير الخدمة والمنتج، وهم نتاج مستويات النُّظم التعليمية حيث أن المهنيين هم نتاج المرحلة الثانوية في التعليم والتقنيين أو الفنيين هم نِتاج المستوى الجامعي المتوسط من النظام التعليمي أما المتخصصين والمهندسين فهُم نِتاج المرحلة الجامعية من النظام التعليمي، ولكي تكون المُخرجات مناسبة كماً ونوعاً فيجب النَّظر إلى هذه المستويات نظرة إستراتيجية متكاملة من قبل صانعي القرار، صحيح أن كل من مكونات هرم القوى العاملة ينتمي لمخرجات مرحلة تعليمية مختلفة من حيث المستوى والإدارات والمُعطيات، وكل منها يجب أن يكون له جهة أو جسم تنظيمي يُديرهُ ويخطِّط له وينفذه ويتابعه ، ولكن في النهاية فالمكونات الثلاثة تُعد مترابطة بسوق العمل وكل منها يُكمِّل الآخر، وهنالك نسب عالمية تحكمها كماً، تختلف من تخصص لآخر وهُنالك محدّدات لتخصصاتها فلا يدور أي منها في فلك لوحده، من هنا يجب أن تكون هنالك إستراتيجية وطنية بخطوط عريضة تؤمن التكامل بين مخرجات النظم التعليمية المختلفة حتى نصل إلى ضبط الكم والنوع ومتطلبات سوق العمل، فالكم يمثل أعداد المقبولين والخريجين في كل مرحلة وحاجة السوق من مهنيين وتقنيين ومتخصصين وكما أسلفت هنالك نسب عالمية معروفة تكون هرمية في حالتها التقليدية وتكون على شكل معين في الاقتصاد المعرفي وتكون على شكل بيضاوي او كهرم مقلوب في حالة التخطيط السيء وعدم ضبط المخرجات وأما النوع فيُقصد به تخريج أُطر مهنية وتقنية ومتخصصة تمتلك الكفايات والمهارات العملية والمعرفية بما يتواءم مع المتطلبات العالمية وليس فقط المتطلبات المحلية، وأما البعد الثالث متطلبات سوق العمل ومعروف أن سوق العمل يتبع ويرتكز الى التطورات التكنولوجية المختلفة، وحركة الاقتصاد والنمو والتطور وبالتالي فيجب أن يكون لدى النظم التعليمية المرونة العالية لمواكبة هذه التغيرات والتقاط كل ما هو جديد وعكسه على المناهج والكفايات والمهارات التي تُزودها لخريجيها، وكذلك المرونة في تعديل وطرح وإلغاء التخصصات المختلفة بما يتواءم مع حاجات وتطورات ومتطلبات سوق العمل الآنية والمستقبلية، والابتعاد عن التقليدية والكلاسيكية في إدارة النظم التعليمية لفئات هرم العمالة التي ذكرتها، وفي دول العالم الثالث قد نقوم ببعض ذلك لكن بشكل مُنفصل وكل نظام ومستوى تعليمي يعمل ويخطط لوحده وهذا خطأ كبير، فالحاجة تدعو إلى تنسيق ووضع إستراتيجيات تنفيذية تكاملية لإدارة النظم التعليمية لمكونات هرم القوى العاملة حتى نصل الى ضوابط تؤمن التكامل الكمي والنوعي ومتطلبات سوق العمل ومعطيات التأهيل لنصل إلى إستراتيجية تنفيذية مُلزمة للجميع مؤطرة بالقانون، حتى لا نبقى ندور في حلقة مفرغة، وتبقى النُّظم التعليمية ومستوياتها المختلفة تجتهد بمعزل عمّن يجب أن تقوم بالتنسيق والتكامل معهم، نعم نحن بحاجة مُلحّة إلى خطة إستراتيجية تنفيذية على المستويات الوطنية لضبط مُخرجات أنظمتنا التعليمية من مهنيين وتقنيين ومتخصصين و مهندسين لأن ذلك سيُخرجنا من فوضى وعشوائية المخرجات ويكون الركيزة الرئيسية في التطور الاقتصادي والاجتماعي المنشود٠


د٠ مُفضي المومني

جهات ذات العلاقة